سُئل الشيخ بن باز ـ رحمه الله ـ :
كيف أعالج كثرة النسيان، إذ أني أنسى كثيراً ما أحفظ من القـرآن أو الأحاديث أو الأدعية المأثورة؟
عليك أن تعالج ذلك بأمور منها: سؤال الله والضراعة إليه، والاجتهاد في ذلك أن يعينك على حفظ كتابه وأحاديث رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وعلى حفظ كل ما ينفعك. تسأله كثيراً، وهو القائل سبحانه: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)، وهو القائل جل وعلا: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ). فاضرع إليه جل وعلا واسأله أن يعينك وأن يمنحك الحفظ لكتابه العظيم وسنة رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام ولكل ما ينفعك، في سجودك، وفي آخر التحيات، وفي صلاة الليل، بين الأذان والإقامة، وعند جلوس الخطيب يوم الجمعة إلى أن تقضى الصلاة في الأوقات المناسبة مثل بين الخطبتين، بين سجود، صلاة الجمعة، في آخر التحيات، كل هذه أوقات إجابة، كذلك في آخر النهار من يوم الجمعة بعد العصر إذا جلست تنتظر المغرب، تدعو ربك فإنه وقت إجابة،
الثاني: الإكثار من الدراسة والعناية، تدرس ما تحفظ من كتاب الله وتعتني به في أوقات معينة ترتبها وتدرس ما حفظت لأن الدراسة من أسباب الحفظ وهكذا الأحاديث تدرسها وتعتني بها، إذا أبطأت عنها قد تذهب عليك. تجتهد في دراستها ومراجعتها بين وقتٍ وآخر، وكل ما قرب الوقت فهو أولى وأقرب إلى الحفظ حسب طاقتك،
الأمر الثالث: الحذر من المعاصي والسيئات، المعاصي شرها عظيم، ومن أخطر الأشياء على حفظك وعلى فهمك أيضاً، ومن هذا قول الشافعي رحمه الله: شكوت إلى وكيعٍٍ سوء حفظي *** فأرشدني إلى ترك المعاصي وقال اعلم بأن العلم نور*** ونور الله لا يؤتاه عاصي فهذا علاج عظيم، الحذر من المعاصي والبعد عنها من الغيبة والنميمة والتثاقل عن الصلوات، مثل عقوق الوالدين أو أحدهما، قطيعة الرحم، أكل الربا، الكذب، إيذاء المسلمين بكلامك أو فعالك . إلى غير هذه من المعاصي، احذرها، وابتعد عنها وتب إلى الله مما سلف من ذلك، ومن هذا قول مالك رحمه الله للشافعي رحمه الله لما جلس بين يديه ورأى مالك من الشافعي الحرص والفهم الجيد قال: إني أرى أن الله سبحانه قد ألقى عليك من نوره فاحذر أن تطفئ هذا النور بالمعاصي، فالمقصود أن المعاصي من أسباب ظلمة القلب، وذهاب نور القلب ومن أسباب سوء الحفظ وسوء الفهم، ومن أسباب كل شر، قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ). فالمعاصي شرها عظيم، وعواقبها وخيمة فالواجب على المؤمن والمؤمنة الحذر منها، والبعد عنها والتوبة إلى الله من سائرها.
والسبب الرابع: الحذر من خلطة أهل الشر، فإن خلطتهم من أسباب الشر وهي من جملة المعاصي، فالخلطة لأصحاب الشر وأصحاب القيل والقال والكلام الفارغ تنسيك الخير، احذر صحبة الأشرار، صحبة أهل الفراغ والبطالة الذين لا نهمة لهم إلا القيل والقال والسوالف التي لا فائدة فيها. فإن هذا ينسيك ما أنت حريص عليه من كتاب ربك وسنة نبيك عليه الصلاة والسلام. نسأل الله لنا ولك التوفيق.