العيينة، الوقت ليلًا، يظهر الشيخ محمد داخل حجرته المتواضعة، يقرأ بنهم ويدون في بعض الكتب أمامه، يدخل عليه ابن غنَّام –أحد طلابه-.
ابن غنَّام: السلام عليك أيها الشيخ الجليل.
الإمام: وعليكم السلام أيها الطالب النبيل. هل أوصلت جميع رسائلي؟!
ابن غنَّام: لقد تحركت قافلة اليمن قبل قليل.
الإمام: وبلاد الحجاز والشام؟!
ابن غنَّام: ستصلها رسائلك إن شاء الله.
الإمام: أرجو ذلك.
ابن غنَّام: ولكن ما كل هذه الرسائل يا سيدي؟
الإمام: إنها مكاتبات للعلماء هناك.
ابن غنَّام: ولم؟!
الإمام: رجاء أن يقوموا معنا بنصرة دين الله ومجاهدة هذه الخرافات.
ابن غنَّام: وهل يستجيبون يا ترى؟
الإمام: إننا نأخذ بالأسباب.. يا ابن غنَّام.
ابن غنَّام: أنت ترهق نفسك كثيرًا يا إمام.
الإمام: (في امتعاض) يبدو أننا وجدنا ضالتنا في هذه البلدة المباركة.
ابن غنَّام: نعم.. فقد أحسن إلينا أميرها بعد أن كاد السفهاء في حريملاء يفتكوا بنا.
الإمام: الحمد لله الذي نجّانا من شرهم.
ابن غنَّام: لقد تسوروا علينا الجدار لولا ستر الله.
الإمام: إن طريقنا طويلة وشاقة يا بني.
ابن غنَّام: هل سنجد مصاعب أخرى.. يا إمام؟
الإمام: ربما.. كن مستعدًا.
ابن غنَّام: أما في العيينة فلا.. فالأمير عثمان بن محمد رجل صالح.
الإمام: نحسبه كذلك.
ابن غنَّام: لقد خرج برجاله معنا فهدم قبة زيد بن الخطاب وأقام معالم التوحيد.
الإمام: جزاه الله خيرًا.. وثبّته على ذلك.
الأمير عثمان: (من الخارج) يا شيخ محمد.. يا شيخ محمد.. أأنت هنا؟
ابن غنَّام: هذا صوت الأمير عثمان.
الإمام: قم إليه نستقبله.
ابن غنَّام: ترى ما الذي جاء به الساعة؟
(يدخل الأمير عثمان فيسرع ابن غنَّام بالخروج)
الأمير عثمان: السلام عليك.. أيها الشيخ..
الإمام: وعليكم السلام.. أهلًا ومرحبًا بالأمير عثمان..
الأمير عثمان: أعتذر إليك فقد جئت في ساعة متأخرة.
الإمام: لا تثريب عليك فأنت صاحب الفضل والدار.
الأمير: وكم كنت –والله– أتمنى أن تطول إقامتك بيننا !!
الإمام: تتمنى !! ماذا هناك أيها الأمير؟!
الأمير عثمان: قاتل الله الشيطان وأعوان الشيطان.
الإمام: هل جاءكم مني ما تكرهون؟
الأمير عثمان: معاذ الله.. بل رأينا الخير كل الخير على يديك.
الإمام: قل بربك ما الذي حدث؟
الأمير عثمان: أمير الأحساء أرسل بطردك من البلدة.
الإمام: طردي أنا !!
الأمير عثمان: أو قتلك.
الإمام: هذا الرجل تعظم عليه إقامة الحدود.
الأمير عثمان: ونحن لا يحسن أن نقتلك ونخاف من هذا الأمير.. فانظر ماذا ترى؟
الإمام: إن الذي أدعو إليه هو دين الله؛ فإن صبرت واستقمت فسوف ينصرك الله عليه.
الأمير عثمان: ولكن لا طاقة لنا به.
الإمام: ثق بالله يا رجل.
الأمير عثمان: (محتدًا) أيها الشيخ.. ارحل من أرضنا قبل طلوع الشمس.
الإمام: نعم.. ولكن..
الأمير عثمان: (مقاطعًا) لقد قضي الأمر (يخرج).
الإمام: حسبنا الله ونعم الوكيل.. حسبنا الله ونعم الوكيل (يخرج).
( 2 )
(داخل منزل محمد بن سويلم العريني في بلدة الدرعية، يظهر ابن سويلم قلقًا جالسًا بين يدي الشيخ)
ابن سويلم: أهلًا.. ومرحبًا بك أيها الشيخ.
الإمام: أحسن الله إليك يا ابن سويلم.
ابن سويلم: أهلًا.. أهلًا بك في دارنا يا إمام.
الإمام: أكرمك الله الذي أكرمتنا من أجله.. ولكنك تبدو قلقًا يا ابن سويلم.
ابن سويلم: أبدًا.. أبدًا إنما خوفًا من عدم القيام بواجبك علينا.
الإمام: أم تخشى من نقمة ابن سعود.. إذ استقبلتني دون علمه؟!
ابن سويلم: بل والله أخشى عليك أنت أيها الإمام.
الإمام: لا تخشَ شيئًا إن الله معنا.
ابن سويلم: يقال إن زوجته امرأة صالحة وسوف تحرضه على قبول دعوتك.
الإمام: يقضي الله أمرًا كان مفعولًا.
(يدخل ابن غنَّام عليهما مسرعًا فزعًا)
ابن غنَّام: ابن سعود.. ابن سعود قادم إليكم في وفد من رجاله.
ابن سويلم: لعله جاء مبايعًا.
ابن غنَّام: أو لعله جاء منتقمًا.
ابن سويلم: منتقمًا !! أرى أن تختبئ أيها الإمام.
الإمام: إنما ندعو إليه هو الحق فلماذا الاختباء؟!
(يدخل ابن سعود وسط كوكبة من رجاله وهم شاكوا السلاح)
ابن سعود: (مشيرًا للإمام) هذا هو ضيفك يا ابن سويلم؟
ابن سويلم: هو ضيف الدرعية كلها أيها الأمير.
ابن سعود: (للإمام) أأنت الشيخ محمد بن عبد الوهاب؟!
الإمام: أنا الفقير إلى الله تعالى محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي.
ابن سعود: وما الذي تدعو إليه يا ابن عبد الوهاب؟
الإمام: إن الذي أدعو إليه هو دين الله وتحقيق كلمة لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.
ابن سعود: سأبايعك على دين الله ورسوله ولكن أخشى..
الإمام: ومم يخشى الأمير؟!
ابن سعود: أخشى إذا أيدناك وأظهرك الله على أعدائه أن تبتغي أرضًا غير أرضنا.
الإمام: أبايعك على أن الدم بالدم والهدم الهدم ولا أخرج من بلادك.
ابن سعود: إذًا أبشر.. أبشر يا إمام بالنصرة والمساعدة.
الإمام: وأنت أبشر بالعزة والتمكين والعاقبة الحميدة.
(يبسط الإمام يده ويبايعه الأمير ورجاله وترتفع الأصوات بالتهليل والتكبير)