جاء في حديث قصة المعراج بيان مراجعة النبي صلى الله عليه وسلم ربه من أجل تخفيف عدد الصلوات اشفاقاً على أمته ، ففي الحديث قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( ثُمَّ عُرِجَ بِي حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوَى أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الْأَقْلَامِ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلَاةً فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى فَقَالَ مَا فَرَضَ اللَّهُ لَكَ عَلَى أُمَّتِكَ قُلْتُ فَرَضَ خَمْسِينَ صَلَاةً قَالَ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى قُلْتُ وَضَعَ شَطْرَهَا فَقَالَ رَاجِعْ رَبَّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ فَرَاجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ فَرَاجَعْتُهُ فَقَالَ هِيَ خَمْسٌ وَهِيَ خَمْسُونَ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ رَاجِعْ رَبَّكَ فَقُلْتُ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي ثُمَّ انْطَلَقَ بِي ... ) الحديث رواه البخاري (2/80).
· غريب الحديث :
- صَرِيفَ الْأَقْلَامِ : بفتح الصاد المهملة تصويتها حالة الكتابة , والمراد ما تكتبه الملائكة من أقضية الله سبحانه وتعالى .
- فَوَضَعَ شَطْرَهَا :الأصل في الشطر : النصف ، لكنه في هذا الحديث بمعنى البعض .
· اضاءات الحديث :
1. في الحديث بيان شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته ورحمته بهم ، وانظر إليه صلى الله عليه وسلم يراجع ربه بعد نصح أخيه موسى عليه السلام عندما فرضت خمسين صلاة فقال له (فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ) فراجع المرة تلو المرة حتى أصبحت خمس صلوات في الفعل وخمسين في الأجر وهذا فضل من الله ورحمة (هِيَ خَمْسٌ وَهِيَ خَمْسُونَ ) .
2. من تأمل في هذه المراجعة في تخفيف عدد الصلوات من خمسين إلى أن بلغت خمس صلوات؛ علم يقينا أن الشارع الحكيم لا يقصد في تكاليفه المشقة على العباد وإلحاق العنت ﺑﻬم ، وفي هذا بيان تفضل الله على هذه الأمة ورحمته بها .
3. في الحديث فضل النبي صلى الله عليه وسلم أن وصل إلى هذا المرتقى الرفيع والمنزلة العالية ، وهناك كلم ربه فأكرم بها من منزلة .
4. في الحديث تأدب النبي صلى الله عليه وسلم مع ربه ومراجعته له حتى أن قال الله (هِيَ خَمْسٌ وَهِيَ خَمْسُونَ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ ) فطلب موسى عليه السلام منه المراجعة هناك كان الرد في قمة الأدب منه صلى الله عليه وسلم مع ربه عز وجل ثم مع موسى عليه السلام (اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي ) فانتهى عليه السلام تأدباً وإجلالا لربه جل في علاه .
5. بيان مكانة الصلاة كيف وقد فرضت بدون واسطة جبريل عليه السلام بل مباشرة بالوحي والكلام المباشر وهذا فيه إثبات صفة الكلام لله عز وجل وفيه بيان مكان هذه الشعيرة العظيمة في الدين.