للقدسِ غنيتُ أِشعاري وألحاني
وصنتُها عبرَ أحداقي ووجداني
شوقي يزيدُ لها دوماً ويحرقُني
فأستلذُّ بأشواقي ونيراني
في البعدِ عنها همومي لا تفارقُني
ولا تزولُ مدى الأيامِ أحزاني
وفي التداني حياتي كلها فرَح
وياسمينٌ على فُلٍّ وريحانِ
حبيبتي هيَ في كلِ الظروفِ... وكم
أحيا هواها أزاهيري....... وأحياني
بدونها مثلَ صحراءٍ أصيرُ أنا
ولا تذوقُ لذيذَ النومِ أجفاني
ولا تغيبُ ثوانٍ عن مخيّلَتي
أنىّ اتجهتُ تظلُ العمرَ عنواني
معي تعيشُ.... كنبضِ القلب أحملها
ومثل دَمي الذي يسري بشرياني
كعاشقينِ معاً نبقى... وتجمعُنا
محبةٌ حينَ ألقاها... وتلقاني
وكلُ حبٍ بهذا الكونِ أملكُهُ
إنْ لحظةً ضمَّ رأسي صدرُها الحاني
دمعٌ على خدِ "أقصاها"..... تُلملمُهُ
كف "الكنيسةِ" ..أضناني وأبكاني!
سألتُ عن سرّهِ.... فانداحَ ثانيةً
كموجِ بؤسٍ... وآهاتٍ... وحرمانِ
فقلتُ: من يا ترى يحنو... فيوقفُهُ
من بين أهلي.. وأحبابي وإخواني؟
وهل هناكَ ضميرٌ سوفَ يُنصفُنا
أم الضمائرُ لُفّتْ عبر أكفانِ؟
وهل بدنيا الورى سيفٌ نُقدّرُهُ
أم السيوفُ غدتْ أشلاءَ نسيانِ؟
فمن سيسمعُ صوتي .. من يرى صُوري
وهل أنا بينَ طرشانٍ وعميانِ؟
ناديتُها باسمها... جاءتْ مُلبيةً
والوردُ في راحتيها ألفُ بستانِ
وبسمةٌ من على فيها مُميّزةٌ
كزهرةِ اللوزِ في وجْناتِ نيسانِ!
وعندما هي نادتني ركضتُ لها
والوجدُ يغلي بأعماقي كبركانِ
فعانقني طويلاً وهي قائلةٌ
ذقْ يا حبيبي كطفل دفْء أحضاني
أنتَ الوفيُّ ... فلا ترحلْ كمن رحلوا
ولا تُسلِّمْ عصافيري لغربانِ
أنتَ الوفيُّ ... فلا تبخل كمن بخلوا
جُدْ بالنفيسِ وكن من خير أعواني
أنا هنا منذ بدءِ الخلقِ باقيةٌ
ما اهتزّ رمشي لإعصارٍ وطوفانِ
وما جبنتُ أمامَ المعتدي أبداً
وما تأثرتُ من أغلالِ سجّاني
وما تزحزح قلبي قيد أُنملَةٍ
عن حقهِ... أو تداعى مثل بنيانِ
أنا جذوري بهذي الأرضِ راسخةٌ
وفي السماء ستبقى كلُ أغصاني
لن أنحني لملوكٍ أو جبابرةٍ
معي إلهٌ رحيمٌ ما لهُ ثانِ!
للبيت ربٌّ وإنّ الله حافظهُ
ولن يعمر فيه ظلمُ إنسان!!
أنا التي تحت أقدامي جحافلهمْ
ماتتْ... ولم أكترثْ يوماً بعدوانِ
ولستُ أطلبُ شهدَ النصرِ من أحدٍ
فكلهم – غيرَ ربي- رهنُ خذلانِ!
كلُ السمومِ التي دُستْ بمائدتي
تكشفتْ ... وتلاشتْ خطةُ الجاني
كل السهامِ التي طارتْ إلى كبدي
تكسرتْ فوق تصميمي وإيماني!
قد خاب من ظنَ يوماً أنني حَمَلٌ
وسوف تمضغني أنيابُ ذؤبانِ
أنا القويةُ... والتاريخُ يعرُفني
وقوتي هبةٌ من عند رحمنِ
وسوف يرعى إلهُ الكون عافيتي
كما رعى طيلةَ الأزمان قرآني!
******
جاشتْ عواطفُ قلبي من مقالتِها
فانكبَّ يلتُم كفيها بإمعانِ
حتى الثرى تحتَ نعليها يُقبلُهُ
بكل حبٍ .. وإخلاصٍ.. وتحنانِ
وراحَ يقذفُ من أحشائه حمماً
بوجهِ كل أخٍ! في ثوبِ خوّانِ!
وأصلُهُ فأرةٌ من صُلْبِ فئرانِ!!
حبيبتي القدسُ!
أهواها وأعشقُها
بقدر نار الجوى في قلبِ هيمانِ
وإنني مدمنٌ حتى النخاعِ أنا
وكم يزيدُ بحبِ القدسِ إدماني
معي تعيشُ كنبضِ القلبِ أحملُها
ومثل دميِّ الذي يسري بشرياني
فلن أقولَ أنا يوماً لها وطني
بل سوف أهتفُ : إنّ القدسَ أَوطاني !!!
__________________