أنس.. مسلم يوناني جديد يبحث عن الحكمة
أنس.. يوناني تحول إلى الإسلام منذ أكثر من عشر سنوات، متزوج من مغربية مسلمة، له هموم كبيرة حول الإسلام والمسلمين، التقينا به ليشرح لنا تجربته مع الإسلام في اليونان.
بداية قل لنا كيف تعرفت على الإسلام؟
- ولدت من أبوين يونانيين، وعشت في اليونان حياة أهلها المعروفة، فكنت مغنياً محلياً، وكنت معتاداً على الإسراف في الشرب، عام 1987م كنت أؤدي الخدمة العسكرية الإلزامية في الجيش اليوناني في مناطق شمال اليونان، حيث توجد الأقلية المسلمة، وكان معنا في الجيش أعداد من المسلمين.
كان من بين المسلمين في الجيش أفراد غير ملتزمين بالإسلام، فكانوا يشربون ولا يصلون، لكن كان منهم من يصلون، ويقرؤون القرآن، ولا يخالفون تعاليم الإسلام.
في أحد الأيام رأيت واحداً منهم يقرأ القرآن، كانت تلاوته جميلة، فيما يبدو كان شيخاً أو إماماً في مسجد ما، لكن قراءته لم تترك في نفسي انطباعاً عميقاً بحيث تحولني مباشرة إلى الإسلام.
بعدها بمدة قليلة سمعت في منامي هاتفاً يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، لم أفهم ما يعني هذا، وتكرر هذا لليلتين أو ثلاث، ثم سمعت الشاب الذي يقرأ القرآن يرددها فسألته عن معناها فشرحها لي، ولم يؤثر الأمر بي كذلك، وبعد مدة انتهت الخدمة العسكرية، وتركت الجيش وعدت إلى أثينا حيث كنت أقيم مع والدي.
في أثينا عدت إلى حياتي السابقة، لكن عدت أسمع المنادي من جديد يقول: لا إله إلا الله ولمرات عديدة، وكان الأمر يشغلني، فصرت أقرأ عن كل ما له علاقة بالإسلام من كتب وغيرها، وذات يوم قلت: لا بد أنه ليس من إله إلا الله الواحد، ولا بد أن أبحث عنه، ولم أنشغل حينذاك بنبوة محمد أو غيره.
ما الأشياء التي أعجبتك في الإسلام؟
- هناك أشياء عديدة أعجبتني في الإسلام، منها:
- أنك تستطيع الاتصال مباشرة بالله دون أي وساطة.
- الوضوح والصفاء والنظافة التي يحض عليها الإسلام.
- ليس هناك أي تداخل بين التعاليم بعضها مع بعض.
- المحبة التي يمنحه الإسلام لأبنائه، وعدم التفريق بين الألوان والأجناس، والأغنياء والفقراء.
- المساواة بين المؤمنين في العبادات (الصف الواحد في الصلاة).
- الهدوء والراحة اللذان يجدهما المرء في أماكن العبادة والصلاة، حيث ينسى الهموم المعيشية.
المشاكل التي واجهتك بدخولك الإسلام؟
واجهت مشاكل مع والدي خاصة أمي، فهما مثل سائر أفراد الشعب اليوناني لديهم صورة مشوهة جداً عن الإسلام، ويربطونه بنهاية الحكم العثماني لليونان، حيث كانت هناك مشاكل ومظالم كثيرة، لكن أبي لم يكن لديه اعتراض كبير، واعتبر المسألة خاصة بي، وقال لي: ما دمت وجدت الراحة في الدين الجديد فلا بأس بذلك.
هل تعرف أي قصص أخرى مماثلة؟
أعرف قصتين مماثلتين في أثينا.
ما صورة الإسلام في شرائح المجتمع اليوناني المختلفة؟
هي الصورة الأسوأ - للأسف الشديد - وهذا يزرع بشكل متعمد بسبب العلاقات اليونانية التركية، فالمسلم هنا يعني التركي، والتركي يعني 400 سنة من الاحتلال، وكثير من المسلمين يعدون من الدرجة الثالثة في المجتمع.
الإعلام ليس محايداً كذلك في قضايا المسلمين، فأي مخالفة يقوم بها مسلم تضخم في الإعلام، لكن هناك وسائل إعلامية قليلة محايدة.
في المدارس هناك تجاهل تام للإسلام، ولا يذكر عنه أشياء كثيرة، قديماً كانت هناك صورة متهكمة حل محلها التجاهل الحالي.
في الجيش كانوا لا يسمحون للمسلمين بحمل السلاح، وكانوا يعزلونهم عن الباقين، كما لا يسمح لهم بالوصول إلى مراتب قيادية عليا.
ما هي برأيك المشاكل التي يواجهها المسلمون الجدد وتحول دون تفاعلهم وتأثيرهم في المجتمع؟
بسبب حالة الخوف من المجتمع ليس هناك أي حركة فاعلة للمسلمين الجدد، أعتقد أن هناك من تحولوا للإسلام دون أن يعلنوا ذلك، وهذه مشكلة أخرى.
الهرطقات التي تنشر عن الإسلام وتحاول أن تغطي الوجه الحقيقي للإسلام، مثل: الدروشة، والتصوف المتغالي، ومذاهب منحرفة تنتشر خاصة في شمال اليونان.
المسلمون الجدد لو جاهروا بإسلامهم ربما يتعرضون لمضايقات في أعمالهم ووظائفهم.
الاصطدام بالعائلة وردة فعلها عائق مهم ضد إعلان المسلمين الجدد إسلامهم.
هناك مشاكل نفسية في تخلي المسلم الجديد عن حياته السابقة ورواسبها.
غياب الإعلام الصحيح عن الإسلام يكافح الدعايات المضادة، ويصحح الأفكار الرائجة عنه.
لا توجد منشورات وكتب لشرح الإسلام بالشكل الصحيح.
ما هي برأيك الخطوات الأولى التي ترى أن المسلمين عليهم أن يسلكوها؟
- التوجه نحو الإعلام والتوعية الصحيحة.
- هناك حاجة لمكان يلتقون به ويتعارفون دون خوف على أحد.
- هناك حاجة إلى مرجعية واعية تنشر الوعي الصحيح بالإسلام.
ما هي مشاكل الجالية العربية والإسلامية في أثينا، والتي تحول دون تأثيرها في المجتمع اليوناني؟
العرب والمسلمون غير اليونانيين لهم مشاكل عديدة، ومنها:
- طريقة العيش، فهؤلاء يحاولون أن يعيشوا في مجتمع غريب عنهم في عاداتهم وتقاليدهم.
- معظمهم من الطبقات العاملة التي لا تستطيع بشكل أن تعمل أي شيء باستثناء أعمال البناء التي يعملون بها.
هناك أحاديث عن مسجد تنوي الحكومة اليونانية بنائه هل ترى ذلك قريباً؟
سيتم التأخير في بناء المسجد بقدر المستطاع؛ لأن السياسة تدخلت فيه بشكل كبير، الكنيسة تعلم أن المسجد سيكون له تأثير كبير مهما كان بسيطاً لهذا تحاول تجنبه.
هناك الكثيرون من الذين يبحثون عن الحقائق في الأديان كلها، الهندوسيون هنا فتحوا مراكز معابد لهم، وهم يجدون اهتماماً من اليونانيين مع كون ديانتهم بسيطة وغير غنية.
بالنسبة لمسلمي الشمال اليونانيين كيف ترى أوضاعهم؟
تأثيرهم محلي جداً، ولهم مشاكل عديدة تحول دون تأثيرهم في مجتمعهم، والسبب أن القنصلية التركية الموجودة بينهم لها تأثير قوي، وهي توجههم باتجاهات قومية، وقد ساهمت العلاقات اليونانية التركية المتوترة عبر السنين وقضية قبرص في تكريس عزلة الأقلية المسلمة.
على أن هذا الحال يتغير شيئاً فشيئاً بسبب تحسن العلاقات اليونانية التركية مؤخراً.
كيف ترى مستقبل الإسلام في اليونان؟
في حال التعرف بشكل أفضل على الإسلام سيكون هناك المزيد من المسلمين، كذلك في حال بناء المسجد والمركز الإسلامي ستكون الأمور أسهل من اليوم.
ما المجال الذي تريد من المسلمين خارج اليونان أن يساعدوا فيه المسلمين اليونانيين؟
- مساعدة المسلمين اليونانيين في إخراج بعض الكتب عن الإسلام مثل: كتب واضحة عن الصلاة والسنن، وشرح القرآن الكريم.
كما نحتاج إلى تبادل الخبرات في مجال نشر الإسلام مع غيرنا عن طريق تبادل الأسفار والزيارات للتعرف على الإسلام.
في النهاية ما الحكمة التي تعلمتها من الإسلام؟
عندما تتوقف المبادئ والأفكار والأشخاص عن إشباع الحاجة الإنسانية في الأمان النفسي والفكري يستمر الإسلام في إمدادهم بتلك الحاجات إلى ما لا نهاية.
المصدر :