--------------------------------------------------------------------------------
هل هم أهل بيت المقدس ؟ هل هم المسلمون ؟ هل هم الفلسطينيون ؟
هل هم الحكام ؟
هل هي الجامعة العربية أو منظمة المؤتمر الإسلامي ؟
هل هي الحركات والجماعات والأحزاب ؟
هل هي الرباعية ؟
هل هو البيت الأبيض ومجلس الأمن ؟؟
هل هو المجتمع الدولي ؟
من المعروف بداهة أن المسجد الأقصى مسجد إسلامي ورد بصريح قوله تعالى :
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }الإسراء1
ومعروف أيضا عند كل الأمم والشعوب أنه يجب أن يكون لكل أمة قائد له الأثر البارزعلى سيرها السياسي وحسن تطبيقها لمبدئها ، ويقودها إلى ما فيه رفعة شأنها ، وحماية مقدساتها وأعراضها.
والأمة الإسلامية واحدة من تلك الأمم بل هي خير أمة أخرجت للناس .
{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ۚ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ }آل عمران(110)
والأمة الإسلامية اليوم فقدت قيادتها وفقدت خليفتها وتشرذمت ، وخسرت الأمة بغياب خليفتها كل شيء ، وذاق المسلمون نتيجتها الويلات ، وتمادت بعدها دول الكفر قاطبة تعيث في الأرض الفساد والإفساد ، فنزع الله من قلوب عدونا المهابة منا ، ثم قذف الله في قلوبنا الوهن ، لأنها بوجودها كان المسلمون يملكون أسباب العزة والكرامة ، فلما ذهبت دولتهم ذهبت بذهابها هيبتهم ، وأذاقهم الله لباس الخوف والجوع والمهانة .
حلَّ نفوذ الكفار المستعمرين في بلاد المسلمين، فجزأوا البلاد، ومزقوها عدة دويلات حتى وصلت إلى نحو خمس وخمسين دويلةً ، حتى ضاعت بلاد المسلمين وضاعت فلسطين الأرض المباركة، مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعراجه .
ذلك لأن هذه الدويلات نُصب عليها حكام تصرفوا فيما ليس من ملكهم ولا من صلاحيتهم ، وليسمع كل من لديه عقل وبصيرة ماذا قال السلطان عبد الحميد لهرتسل حين راوده عن فلسطين. قال: «إن فلسطين ليست ملك يميني، بل ملك الأمة الإسلامية، واذا مزقت دولة الخلافة يوماً فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن. أما وأنا حي، فإن عمل المبضع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من دولة الخلافة العثمانية. من الممكن أن تقطع أجسادنا ميتة، وليس من الممكن أن تشرح ونحن على قيد الحياة .
عاث الكفر في أرض المسلمين الفساد ، وسام المسلمين سوء العذاب ، وبالغ الكفر في إظهار عداوته لله ولرسوله وللمؤمنين .
لأن المسلمين قعدوا عن نصرة دينهم والقضاء على أعدائهم ، فأمعن الكفار فيهم ، إذ لم يروا أن المؤمنين لبعضهم كالجسد الواحد، وليس لهم قائد له الإرادة السياسية يملك بها اتخاذ القرار المناسب فأتبعوا فلسطين بالشيشان وبأفغانستان ، وبالبوسنة وبكسوفا وبالسودان وبالجزائر ومن ثم بالعراق ولبنان .
دنسوا كتاب الله سبحانه على مرآى ومسمع الأمة عيانا ، وأهانوا شخص رسول الله في أكثر من موضع ، وهانت الأمة في عيون أعدائها من أراذل الخلق حتى أصبح حديث رسول الله منطبقا بحرفيته : {يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة الى قصعتها ، فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن ، فقال قائل : وما الوهن يا رسول الله : قال حب الدنيا وكراهية الموت} .
خسر المسلمون بفقدان خليفتهم هيبتهم من صدور أعدائهم،
مما جرّأ أعداؤهم عليهم وعلى مقدساتهم وأعراضهم بل وعلى عقيدتهم .
عاش المسلمون في ظل دولة الخلافة الإسلامية التي حكمت الأرض من الصين إلى الأندلس، في أمن وأمان ، كانت صرخة واحدة من امرأة تكفي لأن تعيد شرف أمة ، تكفي لتسيِّر الجيوش وتلبي النداء ، لأن هذه الصيحة سوف تجد أذنا صاغية يستطيع صاحبها أن يتخذ قرارا مصيريا يحرك الأمة كلها نحو نصرة هذه المرأة أو ذلك الطفل أو الشيخ
ومنذ ُهدم ِالخلافةِ : صِرنا كالأيتام ِعلى مائدةِ اللئام ِ، بعدَما فقدنا توأم الإسلام ، وهو السلطان ، فهدمت الخلافة ُوغابَ الحارسُ الأمينُ ، فتكالبت علينا قوى الشرِّ من كلِّ جانب .
ليس لأحد صلاحية البت في مصير الأمة الإسلامية لا حزب ولا جماعة .
إن المسؤول عن المسجد الأقصى وكل قضايا الأمة الإسلامية هم المسلمون وليس أهل فلسطين فقط ؛ ففلسطين ليست لأهل فلسطين فقط بل للمسلمين جميعا في كل بقاع الأرض
فهم المسؤولون عن حمايتها واستردادها من أيدي الغاصبين .
إن الأقصى الأسير الذي تُقض مضاجعُه بالحفريات التي تجري تحته يريد خليفة كالناصر،
إن الأقصى الأسير الذي يُعتدى عليه في كل وقت وحين بحاجة إلى قائد كصلاح الدين، وجند ترنو عيونهم وتهفو قلوبهم إلى إحدى الحسنيين، ومن ثَمَّ يكون النصرُ والفتح المبين، وعندها يفرح المؤمنون بنصر الله.
إن فلسطين والمسجد الأقصى منذ حادثة الإسراء أمانة في أعناق المسلمين، فقد فتحها المسلمون في عهد عمر رضي الله عنه، وكانت العهدة العمرية التي أكدت منذ ذلك التاريخ سلطان الإسلام على فلسطين، وقضت بأن لا يسكن القدس المباركة على وجه الخصوص يهود... واستمرت تلك الأمانة على مدى التاريخ.
وكلما تجرأ على فلسطين عدو وتمكن من احتلالها وتدنيسها، قام قادة عظام في ظل الخلافة بتحريرها من دنس ذلك العدو، فكان صلاح الدين الذي طهرها من الصليبيين، وكان قطز وبيبرس اللذان طهّراها من التتار... ثم كان الخليفة عبد الحميد في آخر أيام الخلافة عندما حافظ عليها فمنع عصابات هرتزل من الاستيطان فيها.
لقد كان هذا هو الذي يجب أن يكون لو كانت الخلافة قائمة، فتزيل كيان يهود المغتصب لفلسطين، وتعيد فلسطين كاملة إلى ديار الإسلام .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.