بعد التعرف على الحديث القدسي المتواتر ، صارت هناك نظرة للحديث القدسي الآحاد الذي يحتاج إلى النظر في رجال إسناده من قوة الحفظ وضعفه، فعلى هذا التخريج للحديث القدسي انقسم إلى مقبول ومردود، وما يكون منه حجة وما لا يكون حجة، فظهر التقسيم المشهور للحديث إلى صحيح وحسن وضعيف.
فكان من محاسن البدء أن نبدأ بذكر الصحيح منه وتعريفه لغة واصطلاحا، وأن نمثل على ما نقول فبالمثال يتضح الاستدلال
تعريف الصحيح لغة:
الصحيح: الصحة ضد السقم وهو البريء من كل عيب وريب
تعريف الصحيح اصطلاحا:
هو الحديث الذي يتصل سنده بنقل العدل التامّ الضبط عن مثله، من مبدأ الإسناد إلى منتهاه، من غير شذوذ ولا علّة
العلاقة بين المعنى الاصطلاحي واللغوي:
إن كل من كان صحيحا انتفى عنه الضعف والمرض.
وإن الضعف يطرأ على الأحاديث ونقل الأقوال كما يطرأ على الأبدان.
أمثلة على الحديث القدسي الصحيح:
عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( قال الله أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر)(1)
عن ابن عباس رضي الله عنهما: عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه قال(لا ينبغي لعبد أن يقول إنه خير من يونس بن متى)(2)
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله تعالى ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعط أجره)(3)
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم - أراه - (قال الله تعالى يشتمني ابن آدم وما ينبغي له أن يشتمني ويكذبني وما ينبغي له أما شتمه فقوله إن لي ولدا وأما تكذيبه فقوله ليس يعيدني كما بدأني)(4)
--------------------------------------------------------------------------------
(1) متفق عليه:أخرجه البخاري: كتاب بدء الخلق، باب صفة الجنة وأنها مخلوقة (3244)، كتاب تفسير القرآن، باب قوله (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) (4779، 4780)،كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى (يريدون أن يبدلوا كلام الله) (7498)، مسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2824)
(2) متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب التوحيد، باب ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وروايته عن ربه (7539)، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى (وهل أتاك حديث موسى) (3396)، باب قول الله تعالى (وإن يونس لمن المرسلين) (3413)، مسلم: كتاب الفضائل، باب في ذكر يونس عليه السلام (2377)
وله شواهد من حديث ابن مسعود وأبي هريرة وغيرهما.
(3) أخرجه البخاري: كتاب البيوع، باب إثم من باع حرا (2227)، كتاب الإجارة، باب إثم من باع الأجير (2270).
(4) أخرجه البخاري: كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في قول الله تعالى (وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه) (3193)، كتاب تفسير القرآن، باب يقال لا ينوّن (أحد) أي واحد (4974)، باب قوله (الله الصمد) (4975)