إن الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، إنه من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له ، وأشهد إن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، واشهد أن محمدا عبده ورسوله : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ " [آل عمران :102] " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً " [النساء : 1]
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً " [الأحزاب : 71 ، 72]
أما بعد .. فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة فى النار.
-------------------------------
ثم أما بعد : أحبتى فى الله. زكَّى الله هذه النفوس التى انصهرنا معها فى بوتقة الحب فى الله ، وشرح الله هذه الصدور التى جمعنا وإياها كتابُ الله جل وعلا ، مرحبا بأحبابى ، مرحبا بإخوانى ، مرحبا بآبائي ، مرحبا بأخواتى ، مرحبا بأصحاب الفضل علىّ بعد الله جل وعلا ، مرحبا بأبناء السويس العامرة ، مرحبا بكل رجل فى مدينة السويس ، مرحبا بكل أخت تسربلت بسربال الإسلام فى مدينة السويس ، أشهد الله ، وأقسم بالله أنى أحبكم جميعا فى الله جل وعلا.
فأسأل الله عز وجل أن يجمعنى وإياكم فى الدنيا على طاعته ، وأن يجمعنا فى الآخرة مع سيد الدعاة فى دار مقامته إنه ولى ذلك ومولاه ..
أحبتى فى الله ها هى الأيامُ تمر والأشهرُ تجرى وراءها تسحب معها السنين وتجر خلفها الأعمار وتطوى حياة جيل بعد جيل ويقدر الله جل وعلا لنا اللقاء وإنى والله أود أن أحدثكم حديثا طويلا طويلا ، وسامحونى إنه حديث المحب إلى أحبابه وإخوانه ولكن إشفاقا بهذه الجموع التى أراها تقف فى الشمس سأركز الحديث مع حضراتكم فى عدة عناصر :
أولا : الدعوة أبقى من الداعية.
ثانيا : إن الله سينصر دينه بنا أو بغيرنا
ثالثا : منهج عملى نعاهد الله ورسولهَ عليه.
فأعيرونى القلوب والاسماع احبتى فى الله.
أولا : الدعوى أبقى من الداعية :
نعم إن البشر جميعا إلى فناء والعقيدةَ والدعوةَ إلى بقاء ، منهج الله فى ذاته مستقلا عن الذين يحملونه ويؤدونه إلى الناس من الرسل والدعاة على مدار التاريخ كله ، فالدعوة يا أحبتى فى الله أكبر من الداعية وأبقى من كل داعية فدعاتها يجيئون ويذهبون ، وتبقى الدعوة على مر الأجيال والقرون ، ويبقى اتباعها لمصدرها الأول وهو الحى الباقى الذى لا يموت.
إن الدعاة إلى فناء وزوال ، ودعوة الله باقية. لأن مصدر الدعوة باق وهو الله جل وعلا ؛ ولذلك يا أحبتى فى الله أراد الله تبارك وتعالى أن يربى أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم على هذا الدرس وأن يعلمهم أن الدعاة ولو كانوا من الأنبياء والمرسلين إلى زوال وإلى فناء ، وأن يعلمهم أنه ينبغى أن يرتبط الناس بدين الله لا بأشخاص الدعاة !! أراد الله أن يعلم الصحابةَ هذا الدرس فى حياته ووجوده صلى الله عليه وسلم
فلما هتف الهاتف فى غزوة أحد : إن محمدا قد مات ، إن محمداً قد قتل ، وما أن وصلت هذه الكلمات إلى اسماع الصحابة رضى الله عنهم إلا وانقلب البعض منهم على عقبيه !! فأراد اله أن يريبهم بهذه الحادثة ، وأن يعلمهم أن دين الله مسؤولية يجب تحملها بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فنزل قول الله جل وعلا فى أرض المعركة فى غزوة أحد : " وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ " [آل عمران: 144]
محمدٌ رسولٌ من عند الله صلى الله عليه وسلم جاء ليبلغ الناسَ دعوة الله ودين الله – عز وجل - وما ينبغى لكل من آمن بالله أن يرتد على عقبيه بعد موت أو قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى ما جاء إلى الناس إلا ليبلغ دعوة الله عز وجل.
أحبتى فى الله وكأنما أراد الله سبحانه وتعالى بهذه الحادثة أن يربط المسلمين بالإسلام مباشرة حتى إذا مات النبى صلى الله عليه وسلم أو قتل يبقى المسلمون وعهدهم مع الله عز وجل ، وكأنما أراد الله سبحانه وتعالى أن يربط المسلمين وأن يصل أيديهم بالعروة الوثقى التى ما عقدها محمد صلى الله عليه وسلم ، بل ما جاء محمد إلا ليعقد بها أيدى البشر ثم يدعهم عليها وهم بها مستمسكون ووعى أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم الدرس جيدا فهل سنعى الدرس يا عباد الله ؟
وعى أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم الدرس فهذا أنس بن النضر - رضى الله عنه - يمر على بعض الناس فى ارض المعركة فيرى أنهم قد ألقوا ما بأيديهم من السلاح فيقول : ما تصنعون ؟ فيقولون : مات رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال لهم أنس بن النضر : فماذا تصنعون بالحياة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
وينطلق أنس بن النضر - رضى الله عنه - ويلقى سعد بن معاذ فيقول له أنس : يا سعد والله إنى لأجد ريح الجنة دون أحد .. وينطلق أنس يقاتل فيقتل وما يعرفه أحد بعد موته ما عرفته إلا أخته ببنائه وبه ثمانون ما بين طعنة برمح وضربة بسيف ورمية بسهم.
الحديث رواه مسلم والبخارى وأحمد والترمذى من حديث أنس بن مالك رضى الله عنه.
وهذا سعد بن الربيع الأنصارى يعلمنا درساً جيدا ، سعد بن الربيع الذى أرسل إليه رسول اله رسولا خاصا ليقرأ عليه السلام من رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا زيد أذهب وابحث عن سعد بن الربيع بين القتلى وإن رأيته قل له : رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام ويقول لك : كيف تجدك يا سعد؟ " أى كيف حالك ؟
يقول زيد ابن ثابت : فانطلقت ابحث عنه بين القتلى فوجدته فى آخر رمق من الحياة فاقتربت منه وقلت : يا سعد أرسلنى إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقرئك السلام ويسألك ويقول : "كيف تجدك ؟"
فيقول سعد : وعلى رسول الله السلام يا زيد قل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إنى أجد ريح الجنة وقل له : جزاك الله عنا خيرا يا رسول الله ، ويبلغ القوم عن السلام وقل لهم : يقول لكم سعد بن الربيع : لا عذر لكم عند الله إذا خلص إلى رسول الله وفيكم عين تطرف ، لا عذر لكم عند الله إذا خلص إلى رسول الله وفيكم عين تطرف.
الحديث رواه ابن سعد فى الطبقات وابن إسحاق وابن كثير وابن عبد البر ،
والحاكم والطبرى والبيهقى فى الدلائل وهو صحيح بمجموع طرقه.
وهذا بطل عملاق آخر يعلمنا درسا من دروس الفداء للإسلام ولرسول الله " أنه خيب بن عدى رضى الله عنه ، هذا الذى أسره المشركون فى مكانه وصلبوه فى مكان يقال له : التنعيم ، صلبوا خبيباً - رضى الله عنه -
واجتمع النساء والرجال والشيوخ والأطفال حول خبيب - رضى الله عنه - فى شماتة ظاهرة ووقف الدهاة يشحذون رماحهم لتنقضَّ على هذا الجسد الطاهر فى جنون ووحشية ،
وطلب خبيب بن عدى أن يصلى لله ركعتين فأذنوا له بذلك ، فصلى ركعتين فى خشوع وإخبات ، ثم التفت إليهم وقال : والله لولا أن تقولوا : بى جزع من الموت لزدت من الصلاة ثم رفع رأسه إلى السماء
ودعا بقوله : اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تبق منهم أحد ، حتى استلقى أبو سفيان على بطنه ، خشية أن تصيبه دعوى خبيب رضى الله عنه : الله أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تبق منهم أحدا ، وأنشد خبيب أبياته الخالدة الرائعة ومنها قوله :
لقد أجمع الأحزاب حولى وألبوا *** قبائلهم واستجمعوا كُلَّ مَجْمعَ
إلى الله أشكو غربتى بعد كربتى وما *** أرصد الأحزاب لى حول مصرعى
وقد خيرونى الكفرَ والموتُ دونهَ *** فقد ذَرَفَتَ عيناى من غير مُجْزَع
وما بى حذارُ الموت إنى لميت *** وإنَّ إلى ربى إيابى وَمَرْجعى
ولست أبالى حين أُقتل مُسلِماً *** على أىِّ جنب كان فى الله مَصْرعى
وذلك فى ذات الله وإن يشأ *** يُبارك علىَّ أوصال شلو مُمَزَّع
فَلَستُّ بمبد للعدو تخشعا *** ولا جزعاَ إنى إلى الله مرجعى
فاقترب أبو سفيان بعد ما استمع هذه الكلمات الجريئة القوية : يا خبيب أتريد أن تكون فى أهلك وولدك ومحمد مكانك عندنا الآن نضرب عنقه ؟ قال : لا والله يسرنى أنى أكون فى أهلى ورسول الله فى مكانه الذى فيه تصيبه شوكة تؤذيه.
هؤلاء هم الأبطال ، هؤلاء هم الرجال وعوا الدرس جيدا وعلموا علم اليقين أن منهج الله وأن دين الله وأن دعوة الله تستقل فى ذاتها عن الذين يحملونها ويؤدنها إلى الناس فهل سنعى الدرس أحبتى فى الله ؟ هل سنعلم علم اليقين أن منهج الله باق وأن دعوة الله باقية وأن دين الله باق وأن الدعاة إلى زوال وفناء ؟ ولن تتوقف الدعوة بسبب انصراف دعاتها بسبب موت دعاتها أو موتهم.
كم توقفت دعوات بسبب موت دعاتها ، وانصراف دعاتها عن حقل دعوتهم لسبب أو لأخر ، لماذا ؟ لأن أفراد الدعوة قد ارتبطوا بشخص الداعية لا بدعوته فتوقفت الدعوة بموت هذه الداعية أو بسفره ، توقفت الدعوة لأن أفراد الدعوة لم يجعلوا ولاءهم لله وإنما جعلوا ولاءهم لشخص الداعية الفقير !!
نعم يا عباد الله فإذا ما انصرف الداعية عن حقل دعوته توقفت الدعوة أو على الأقل أصيبت الدعوة بإعياء شديد ، فمن الشباب من تجرد من وسام الشرف فحلق لحيته ، إنا لله وإنا إليه راجعون ..
يا من أطلقت لحيتك هل أطلقتها لعبد من عباد الله أو اطلقتها حبا لله وطاعة لرسول الله " ؟ يا من تجردت من وسام الشرف ، يا من تجردت من وسام السنة فحلقت اللحية ، ويا من تجردت من سربال الحياء والشرف والمروءة وسربال الإسلام فخلعت اللحية ، ويا من تجردت من سربال الحياء والشرف والمروءة وسربال الإسلام فخلعت النقاب وتجردت من الحجاب لماذا هذا ؟
اجعلوا ولاءكم وبراءكم لله جل وعلا واخلصوا العبادة لله وأخلصوا التوحيد لله وصححوا النية ، وأخلصوا العمل فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك يا من تحركت لدين الله لا تنظر إلى مخلوق ولا إلى عبد من عباد الله تحرك إلى الله وأنت صادق النية وخالص الضمير ، وأعلم بأن الله جل وعلا لا يقبل من الأعمال إلا خالصا لوجهه ، وإلا ما ابتغى به وجه الله " فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً " [الكهف : 110]
والله من أنقلب على عقبيه فحلق اللحية ، ومن انقلبت على عقبيها فتجردت من الحجاب ، ومن تثاقل إلى الأرض وتخلى عن العمل لدين الله لن يضر إلا نفسه ؛ لأن الدينَ دين الله
والله سينصر دينه بنا أو بغيرنا ، وهذا هو العنصر الثانى.
وقال تعالى : " يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ " [التوبة : 32 ، 33]
أن نور اله لا يطفأ ولو اجتمعت له جميع الأفواء !! هلى يضر السماء نبحُ الكلاب ؟
سقطت ذبابة على نخلة فقالت الذبابة للنخلة العملاقة حينما همت بالانصراف : اثبتى أيتها النخلة وتماسكى فإنى راحلة عنك. فقالت لها النخلة العملاقة : أنصرفى أيتها الذبابة الحقيرة وهل أحسست بك حينما سقطت علىّ لاستعد لك وأنت راحلة عنى !!!
ولقد تحقق وعد الله فى حياة رسوله بظهور دينه وتحقق وعد الله ، أتم الله برسوله النعمة وأكمل الله به الدين ، وأعز الله الإسلام ، ودان للمسلمين معظم المعمورة من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب ، تحقق وعد الله جل وعلا ووعد الله قائم لكل عصبة مؤمنة موحدة تأتى لترفع راية لا إله إلا الله على منهج الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
البشارة الثانية : قول الله فى سورة الأنفال : " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ " [الأنفال : 36]
، كم أُنفق من أموال ؟ إن أعداء الله لا يدخرون وسعاً ولا جهداً للإنفاق من أموالهم بسخاء رهيب للصد عن سبيل الله ولتنحية دين الله جل وعلا. فكم أنفق من أموال لتنصير المسلمين فى أنحاء العالم ، كم أنفق من أموال لبث الرذيلة فى الليل والنهار ؟ كم أنفق من أموال على أندية الماسونية فى كل مكان ؟ كم انفق من أموال على أندية الروتارى ؟ كم أنفق من أموال لتدعيم الاقتصاد الربوى الجائر ولتحطيم الاقتصاد الإسلامى حتى لا تقوم له قائمة ؟ كم أنفق من أموال لتحطيم صفوة كتائب الصحوة فى كل مكان ؟ ولكن ما هى النتيجة ؟ أسمعوها واحفظوها ما هى النتيجة بالرغم من المليارات الطائلة التى أنفقت للصد عن سبيل الله وللصد عن دين الله ؟
وثيقة خطيرة ربما تسمعونها لأول مرة نشرتها صحيفة نيويورك تايمز أنترناشيونال فى عددها الصادر فى تشرين فى شهر يناير الماضى فى العام (1991) ، هذه الوثيقة وثيقة التنصير الكنسى كتبت فى أكثر من مائة وخمسين صفحة ، وأجريت الوثيقة عبر دراسات دقيقة خلال خمس سنوات ، وفى هذه الوثيقة يصرخ باب الفاتيكان جون بول الثانى يصرخ فى هذه الوثيقة وينادى ويوجه النداء العاجل لكل النصارى فى كل أنحاء العالم للتحرك بسرعة أمام انتشار المد الإسلامى الذى يتصاعد بعنف وقوة فى جميع أنحاء العالم ، وناشد البابا بشدة القساوسة والمنصرين على حد تعبيره على التحرك لصد المد الإسلامى فى أنحاء أوروبا ، واعترف مساعد الباب فى هذه الوثيقة بأن المنافس الأول هو الإسلام وأنهم يحسون برعب شديد لانتشار المد الإسلامى فى أنحاء العالم الإسلامى ، فلا تظنوا أن الذى سيفصل فى الأمر هو ضخامة الباطل لا ، لا ، إن الذى سيفصل فى الأمر هو قوة الحق ، ولا شك أن
معنا الحق الذى من أجله قامت السماوات والأرض ،
معنا الله ،
معنا كتاب الله ،
معنا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، معنا رصيد الفطرة فطرة الكون وفطرة الإنسان وقبل وبعد " وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ " وصدق الله
" إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ " [الأنفال : 36] لتتم حسرتهم الكبرى والذين كفروا إلى جنهم يحشرون.
البشارة الثالثة : من كتاب الله جل وعلا بنصرة الإسلام وينصره دين الله من سورة النور يقول ربنا جل وعلا :
" وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ " [النور : 55]
وتحقق وعد الله جل وعلا فى حياة رسوله صلى الله عليه وسلم وفى حياة الجيل الأول نصر الله دينه ورفع الله سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ودانت المعمورة من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب لاصحاب رسول الله وأذل كسرى وأهين قيصر. ووعد الله ، قائمٌ لكل من يأتى ليسير منهج الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وأكتفى بهذا القدر من بشائر القرآن وإلا فإن بشائر القرآن كثيرة ، فتدبروا معى البشائر بنصرة الإسلام من كلام الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
البشارة الأولى : فى الحديث الذى رواه الأمام أحمد فى مسنده والإمام الطبرانى وقال الطبرانى : رجاله رجال الصحيح ، وصححه الحاكم فى المستدرك وقال الحاكم : صحيح على شرط البخارى ومسلم ،وقال شيخنا الألبانى : هو صحيح على شرط الإمام مسلم من حديث تميم الدارى - رضى الله عنه - أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار - أى هذا الدين - ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل ، عزا يعز به الإسلام ، وذلا يذل الله به الكفر"
اسمعتم اطمأنوا ولا تقنطوا ولا تيأسوا : " ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار - أى هذا الدين - ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلى أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل ، عزا يعز به الإسلام ، وذلا يذل الله به الكفر"
البشارة الثانية : من الحديث الذى رواه الإمام أحمد فى مسنده ورواه الحاكم فى المستدرك وصححه العراقى ، وقال الإمام ابن حجر الهيثمى فى مجمع الزوائد : رجال ثقات من حديث حذيفة بن اليمان - رضى الله عنه - أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله ما شاء أن يرفعها ، ثم تكون عاضا ، ثم تكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله ما شاء أن يرفعها ، ثم تكون ملكاً جبريا ، ثم تكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله ما شاء أن يرفعها"
البشارة الثالثة : وهى من أعظم وأشرف البشارات التى يزفها إلينا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، وهى كما فى الحديث الذى رواه البخارى ومسلم من حديث أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم
قال : " لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود " كلام من ؟ كلام حبيبنا الصادق المصدوق الذى قال له ربه :
" وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى " [النجم : 3 ، 4]
يقول : " فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودى وراء الحجر أو الشجر فينطق الله الحجر أو الشجر " لعبادة المسلمين الذى استسلموا واسلموا وانقادوا وأذعنوا لله جل وعلا ليس للمسلمين الذى يتمسون بالمسلمين بالبطاقات الشخصية الذين لا يعرفون عن دينهم شيئا ولا عن نبيهم شيئا الذين لم يحولوا دينهم إلى واقع حياة. لا ، المسلمون الذين استسلموا واسلموا وانقادوا واذعنوا لله جل وعلا لأمر الله ولشرع رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء ينطق لهم الحجر والشجر إنها قدرة من يقول للشئ كن فيكون " فيختبئ اليهودى وراء الحجر أو الشجر وينطق الحجر أو الشجر ويقول الحجر أو الشجر : يا مسلم يا عبد الله " ، وليس كما قال كذاب مدع يحرف فى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الحديث الصحيح ، يا عربى ! دعونا من هذه النعرات الكاذبة. الحديث : " يقول الحجر يا مسلم " ولا يقول : يا عربى ولا يا عجمى ولا يا ديمقراطى ولا يا بعثى ولا يا اشتراكى ولا يا علماني ، يقول : "يا مسلم يا عبد الله تعال تعال خلفى يهودى تعالى فاقتله"( ) الحجر والشجر :
" أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ [الحج : 18]
" تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ " [الإسراء : 44]
، ينطق الشجر ؟! نعم ينطق الحجر !! نعم من الذى ينطقه ؟ الله ، الكون كله سجد لخالقه بحجره وشجره ، إلا من كفر من الإنس والجن واعترف لله جل وعلا بالوحدانية والكمال والجلال ، أنظر إلى السماء وارتفاعها وإلى الارض واتساعها وإلى الجبال وأثقالها وإلى الأفلاك ودورانها وإلى البحار وأمواجها وإلى كل ما هو متحرك وإلى كل ما هو ساكن ، والله أن الكل يقر بكمال الله ، ويعترف بجلال الله ، ويعلن توحيد الله ، ولا يغفل عن ذكر مولاه انطق ، يا حجر أنطق يا شجر انطق فينطق الشجر والحجر ويقول : " يا مسلم يا عبد الله تعال خلفى يهودى تعال واقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود " ( )
مازال الكلام لحبيبنا "أتذرون ماذا يصنع اليهود الآن ؟ يقومون بحملة على أوسع نطاق بزراعة شجر الغرقد ، لأنهم يؤمنون بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم " فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ " [الأنعام : 33]
يعرفونه كما يعرفون أبناءهم كما قال عبد الله بن عبد سلام : إنى لأقر لمحمد بالنبوة أكثر ما أقر لابنى بالبنوة ،(محمد رسول الله حقا وصدقا وعدلا) يقومون بحملة رهيبة بزراعة شجر الغرقد ، لأنهم يعلمون أن هذا الشجر الذى ذكره محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذى لا ينطق ، لأنهم على يقين بقرب هذا اليوم ومجئ هذا اليوم ، لأنهم أهل عقيدة وأهل كتاب ، والله لن ينتصر المسلمون على اليهود إلا بالعقيدة والقرآن.
أكتفى بهذا القدر من البشائر النبوية بنصرة الإسلام
وأصل بحضراتكم إلى العنصر الثالث والأخير من هذا اللقاء الهام.
وأصرخ فيكم أيها الأحباب ، أيها الشباب ، أيها الأطهار ، أيها الأخيار ، أيها المتوضئون يا أصحاب اللحى ، يا أيتها الاخوات