اوسمة الشرف : عدد المساهمات : 111 نقاط : 170 السٌّمعَة : 10 تاريخ التسجيل : 05/12/2009
موضوع: لا نصر بدون تضحيات الأحد أغسطس 29, 2010 5:35 am
الذي فتح مكة هو الذي فتح القلوب والأسماع والأبصار ب (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، هو رسول الهدى ، سيعود الحبيب عليه الصلاة والسلام إلى مكة ، ولكنه لن يعود كما خرج ، لقد خرج مهاجراً شريدًا وحيدًا مسكينًا، وسوف يعود اليوم حاكماً قائداً منتصراً، ومعه جيش عرمرم، بعدما أسس دولة ما سمع الناس بمثلها، وهو الذي خرج قبل عشر سنوات من بلده، وهو يبكى عند حمراء الأسد ويلتفت إلى مكة ، ودموعه تسيل على خديه، ويقول: (يا مكة! والله إنك من أحب بلاد الله إلي، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت)، اليوم يعود عليه الصلاة والسلام إليها، لكنه يعود فاتحاً منتصراً بعد أن أيده الله بنصره، ورفع لا إله إلا الله. كان فتح مكة في شهر رمضان المعظم، حيث ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: [إن رسول الله غزا غزوة الفتح في رمضان] وإذا تأملنا أحداث هذا الفتح الأكبر نستطيع أن ندرك تماماً قيمة الجهاد والاستشهاد والمحن التي وقعت من قبله. إن شيئاً من هذا الجهاد والتعب والمحن لم يذهب بدداً، ولم ترق نقطة دم لمسلم هدراً، ولم يتحمَّل المسلمون كلَّ ما لاقوه مما قد علمنا في هجرتهم وغزواتهم وأسفارهم، لأنَّ رياح المصادفة فاجأتهم بها، ولكن كل ذلك كان وفق قانونٍ سماوي ، وبحسب سنة الله في خلقه فكل التضحيات المتقدمة كانت تؤدي أقساطاً من ثمن الفتح والنَّصر وتلك هي سنة الله في عباده... لا نصر بدون إسلامٍ صحيحٍ ولا إسلام بدون عبودية لله، ولا عبودية بدون بذل وتضحية وضراعة على بابه وجهاد في سبيله، ولذلك كان الفتح مليئاً بالدروس والعبر والفوائد وهذه لمحات من الفتح وعبره وفوائده: 1- بيان عاقبة نكث العهود وأنه وخيم للغاية، إذ نكثت قريش عهدها فحلت بها الهزيمة، وخسرت كيانها الذي كانت تدافع عنه وتحميه. 2- تجلِّي النبوة المحمدية والوحي الرباني في الإخبار بالمرأة حاملة خطاب حاطب بن أبي بلتعة؛ إذ أخبر عنها وعن المكان الذي انتهت إليه في سيرها وهو (رَوْضة خاخ). 3- فضيلة إقالة عثرة الكرام، وفضل أهل بدر، وقد تجلَّى ذلك واضحاً في العفو عن حاطب بعد عتابه، واعتذاره عن ذلك، بالتوبة منه. 4- مشروعية السفر في رمضان، وجواز الفطر والصيام فيه. فقد سافر النبي -- إلى فتح مكة في رمضان وكان في السفر الصائم والمفطر ولم يعتب على أحد. 5- مشروعية التعمية *(cryptography على العدو حتى يُباغت، قبل أن يكون قد جمع قواه، فتسرع إليه الهزيمة وتقل الضحايا والأموات من الجانبين حقناً للدِّماء البشرية. وحافظ على هذه السرية والكتمان حتى أتم هو وأصحابه جميع الاستعدادات للتحرك ، وبذلك حرم قريش من وصول المعلومات إليها في وقت مبكر ، وبالتالي من حشد حلفائها وتنظيم صفوفها ووضع خطط المعركة للدفاع عن مكة حصنها الأخير ، وأتاح للمسلمين فرصة مباغتة قريش في أرضها وإجبارها على الاستسلام .
6- بيان الكمال المحمدي في قيادة الجيوش, وتحقيق الانتصارات الباهرة. 7- مشروعية إرهاب العدو بإظهار القوة له، وفي القرآن الكريم قال -تعالى-: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} الأنفال60. 8- إنزال الناس منازلهم، وقد تجلَّى هذا في إعطاء الرسول-- أبا سفيان كلماتٍ يقولهن، فيكون ذلك فخراً له واعتزازاً، وهي: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن دخل داره وأغلق بابه فهو آمن" ينادي بها بأعلى صوته. 9- بيان تواضع الرسول -- لربه شكراً له على آلائه وإنعامه عليه إذ دخل مكة وهو مطأطئ الرأس، حتى إنَّ لحيته لتمس رحلَ ناقته تواضعاً لله وخشوعاً. فلم يدخل -وهو الظافر المنتصر- دخولَ الظلمة الجبارين سفاكي الدماء البطَّاشين بالأبرياء والضعفاء. 10- بيان العفو المحمدي الكبير إذْ عفا عن قُريشٍ العدو الألد، ولم يقتل منهم سوى أربعة رجال وامرأتين. 11- بيان الكمال المحمدي في عدله ووفائه، تجلَّى ذلك في رد مفتاح الكعبة لعثمان بن أبي طلحة، ولم يُعطه مَن طلبه منه وهو "علي بن أبي طالب" -رضي الله عنه- وهو صهره الكريم وابن عمه. 12- وجوب كسر الأصنام، والصور، والتماثيل، وإبعادها من المساجد بيوت الله -تعالى-. 13- تقرير مبدأ الجوار في الإسلام لقوله- - : (قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ). 14- وجوب البيعة على الإسلام، وهي الطاعة لله ورسوله وأولي الأمر في المعروف وما يستطاع.