اليوم نبدأ أول دروس العقيدة باذن الله تعالى، وإن شرف العلم الذي تتعلمه من شرف المعلوم فيه واذا كان المعلوم في ما سنتناوله من علم هو الله عز وجل فلا شك أن ما سنتناوله هو أشرف العلوم على الاطلاق وهو علم العقيدة
العقيدة التي عليها ومن أجلها يعيش المسلم ويجاهد وعلى العقيدة الصحيحة يتمني أن يلقى الله، والعقيدة هى التي تحرك العبد للطاعة وتبعده عن المعصية.
وكيف أصلا أتعلم الفقه في العبادات وأنا لا أعرف أصلا من هو الذي أعبده ولا أعرف عنه شيئا أو بالأدق لا أعرف عنه المعرفة الصحيحة، فاذا كنت أتعلم الفقه من أجل آداء العبادات بشكل صحيح فالأولى أولا معرفة ربي معرفة صحيحة فهو الذي ستؤدي اليه هذه العبادات اذ أن تقديم الاهم على المهم واجب كما يقول العلماء، فلا أتصور معرفة كيفية آداء الصلاة دون معرفة من سأصلي له
نحن سنتناول في صحة اعتقادنا في الله مواضيع كثيرة نبدأها بالأسماء الحسنى والصفات ثم تأتي مواضيع أخرى من الاايمان بالملائكة ومن هم وما وصفهم وما فائدة معرفتنا بهم وكيف يؤثر هذا في حياتنا وأقوال العلماء في هل الانسان أفضل أم الملائكة وهل هناك أية أمور مشتركة بيننا وبينهم في طريقة الحياة، ومشكلة الاجتهاد حول الملائكة فيما لم يرد فيه نص من الكتاب والسنة ثم بنفس التفاصيل يأتي الكلام عن الجن وفي كل موضوع سنتناول أقوال والاعتقاد الصحيح لأهل السنة في هذا الموضوع ونأخذ لمحة من إعتقاد وأقوال الفرق الضالة في هذا الموضوع ثم نتكلم عن السحر وأنواعه وحكم كل نوع وحده.
ولكن أنا لا أريد أن يحضر أحد منا هذه الدروس التي هي حول الجن والسحر بشهوة التسلية والشغف بالعالم الآخر ولكن أريد ان نجدد النية على أننا نريد أن نعتقد الاعتقاد الصحيح في هذه الأمور حتى لا نتعرض للشركيات
وطبعا أهم ما نتحدث عنه خاصة في هذا الوقت هو البدعة وحكمها وحكم من فعلها جهلا وحكم من فعلها بهواه وأنواع البدع الى آخر كل ما يتعلق بها ان شاء الله، وكذلك الغلو في الصالحين وآل البيت بدرجاته من أخف درجاته الى أعلى درجاته من الشرك بالله
وبإذن الله لما بنذكر الحق لنتبعه فلابد أن نذكر الباطل لنحطاط منه ونبتعد عنه فكيف نبتعد عنه ونحن لا نعرفه أنه الباطل فلهذا سنتناول الشيعة والصوفية وضلالات كثيرة من قولهم حدثني قلبي عن ربي الى من يسب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل يمكن التقريب بيننا وبينهم كما يريد البعض مؤخرا؟
ونفرق في محاضرة بين التوسل المشروع والتوسل الممنوع
ونظرا لأننا عدنا الى زمن التطاول على الأنبياء فوجدت أن من أهم موضوعات العقيدة التي تنفعنا الآن هو التحدث عن عصمة الأنبياء لانه لا يتم الإيمان إلا بالأيمان بالرسل كما جاء في حديث جبريل
وكذلك أشراط الساعة لأنه قد عبث بها الكثيرون في هذا الزمان خاصة فيما يتعلق بالمهدي وغير ذلك، وسنصف يوم القيامة وأهواله والصراط والحوض ونصف الجنة والنار لان كذلك لا يتم الإيمان إلا بكل هذا
ولا ننسى أن نفرد محاضرة للرياء فإنه ينقص من التوحيد وكذلك كلمات تخالف العقيدة ولو لم نقصدها ونبين أثرها في حالة عد قصدها وأثرها في حالة تعمدها أو معرفة معناها، وقضايا أخرى كثيرة جدا في العقيدة لا يحصيها ذهني الآن ولكننا سنركز على أكثر ما حدث له خلل في قضايا العقيدة عند المسلمين في هذا العصر تحديدا فليكن التركيز الأكبر على الخلل العقائدي البارز هذه الأيام
كيف ونحن نهتم بالمعرفة عن أتفه الاشياء والناس ونمتلىء بالفضول والتشويق للمعرفة عنها ونصبر على أننا لا نعرف عن ربنا جل وعلا ما قاله لنا عن نفسه، هل تعرف أن الله هو القدوس؟?????? هل استشعرت يوما هذه الصفة وقمت لتؤدي عبادة على أساس معرفتك بها؟????
والله تعرفون في هذه الدنيا وتهتمون بالمعرفة عن ما لا يستحق المعرفة عنه ولا ينفع الاهتمام بأخباره ومعرفته، ولا تعرفون من تعبدون هذه والله أقل ما يقال عنها أنها مأساة..مأساة حقيقية أصابت هذه الأمة، فأنا أتصور جهل الانسان بأى شىء الا أن يجهل ربه الذي يعبده وهو ما خلق أصلا الا من أجل عبادته
نحن في عصر أصبحنا نهتم فيه بالتعلم عن كل شىء حتى الكمبيوتر أصبح من لا يعرف به جاهل، ومن لا يعرف عن الله ليس بجاهل..كيف قلبت الموازين؟?? لاننا نسينا لمن ولماذا خلقنا
نحن خلقنا لنعبد الله.. وكل ما معنا في حياتنا هي مجرد وسائل لتحقيق هذه الغاية فاذا لم نعرفه ونعرف كيف نعبده لم نحقق الغاية من حياتنا
أصبحنا نضغط على أنفسنا وأبنائنا بدراسة مناهج دراسية أثقل ما يكون على طفل أو حتي شاب ويحفظ آلاف من الصفحات والكتب ولا أنكر أهمية ذلك ولكن مع كل هذا الضغط بالمعلومات في عقول أطفالنا لا نكلف أنفسنا ونقول له من ربه?? ومن يعبد?? ولماذا جاء الى هذه الدنيا؟؟فتكون النتيجة كما ترون، وحين نقول لأحد الأمهات الفاضلات علمي ابنك أسماء الله وصفاته وحدثيه عن الجنة والنار تقول هو بعده صغير لن يستوعب هذا، هل هذا الصغير يستوعب كل هذه الكتب الدراسية ولا يستوعب من ربه؟؟؟؟؟؟
وعدم معرفتنا بالعقيدة الصحيحة واتباعها واعتقادنا في ربنا معتقدات خاطئة محبط أصلا لأعمالنا فما فائدة أن تجتهد في العبادة طوال حياتك ثم تأتي يوم القيامة لتجد كل ما فعلته هباءا منثورا، كيف لا؟? اليس من يستغيث بالأموات الصالحين عنده خلل في العقيدة على الرغم من جهده الكبير في العبادات مثلا، وسيجد كل أعماله يوم القيامة كأنها لم تكن بل ويعذب بها لانه جعل بينه وبين الله واسطة كما كان يفعل المشركين بالاصنام ويقولون "مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى" ؟
فمن يستغيث بفلان وفلان مثل من يقول يا بدوي ويا حسين فان الصحابة رضوان الله عليهم كان بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم واذا أرادوا الاستغاثة تركوا النبي صلى الله عليه وسلم واستغاثوا بالله فلو التوسل بالاموات او بالناس مشروع لصلاحهم فليس هناك أصلح من النبي صلى الله عليه وسلم
ومن يتوسل بالاموات حتى ولو صالحين كمن يسأل الله بجاه فلان وبالولي فلان والى آخر ذلك، فان التوسل والاستغاثة أخواتي عبادة والعبادة لا تصرف الا لله أرايتم كيف بدون فهم العقيدة الصحيحة يمكن أن يذهب جهدنا في العبادة ليس فقط هباءا بل ونعذب بها يوم القيامة والعياذ بالله
ليس فقط فساد العبادات بل والوقوع في عادات توقعنا في شرك والعياذ بالله تخاريف أصابت الامة وخدع بها الناس كالتصديق في النجوم مثلا نجد الناس كل يوم في الصباح يفتح حظك اليوم ويظل متذكر ما وجده فيه وكل ما يحدث له موقف خلال اليوم يحاول تطبيقه وربطه بالحدث الذي قرئه في حظك اليوم في البرج بتاعه..ولا حول ولا قوة الا بالله فهل هناك خلل في العقيدة أكثر من ذلك؟
أما إن الله تعالى لم يطلع النبي صلى الله عليه وسلم على الغيب بل ما كان يعرفه النبي صلى الله عليه وسلم بعض غيبيات من علامات الساعة مثلا يخبرنا بها وغيرها ولكن لا يعرف الغيب ولم يطلعه الله عليه فهل يطلع عليه هؤلاء الفسق الفجار الذين يخدعون الناس ليشتروا مجلاتهم ولو حتى بالشرك بالله
وفي سنن ابن ماجة والترمذي وصححه الشيخ الالباني (ولما ارادت امرأة أن تمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت وفينا نبي يعلم ما في غد قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعلم ما في غد الا الله وفي رواية اسكتي عن هذه
واذا قلت لهم هذا شرك يقولون لا نصدق بها ونقرئها فقك للتسلية والترفيه، فهل تكون التسلية والترفيه والمرح في ما يناقض العقيدة ويفسدها وهل أصبحنا نستهين بربنا الى هذه الدرجة بأن نمرح بالشرك به؟???
وقال النبي صلى الله عليه وسلم (من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه في ما يقول فقد كفر بما نزل على محمد)
وأذكر أن كل هذه أمور أذكركم فقط أنها ستكون من موضوعاتنا بإذن الله في هذه الدورة وسنفرد إن شاء الله لكل منها عدة محاضرات
فان الأمة الآن في أشد الحاجة للتحدث عن البديهيات والمقدمات والاصول وتصحيح أخطائها بها أكثر من أى خطأ آخر لان أخطائنا في هذه البديهيات والاصول هي التي أدت الى سائر الاخطاء والمشكلات
ولهذا كله وغيره كثيرا لا نستطيع تعلم أى علم ولو حتى شرعي وترك العقيدة فلابد من البدء فيها على لان كما بينا تقديم الاهم على المهم واجب ونزلت دعوة الانبياء اولا بالتوحيد وتنزيه الله عن الشرك والنقص والاعتقاد الصحيح في الله ثم جاءت الاحكام الشرعية من صلاة وصيام وغيرها وترك منكرات واقامة حدود، والا اذا لم يكن الاعتقاد في الله لم ينفذون الاوامر ويجتنبون النواهي